كيف نجحت إسرائيل في تشويه وقائع النكبة وترويج رواية مضللة للعالم؟

كيف نجحت إسرائيل في تشويه وقائع النكبة وترويج رواية مضللة للعالم؟

استطاعت إسرائيل، عبر عقود من العمل المنهجي والدعاية المنظمة، أن تشوّه الحقيقة التاريخية لما جرى في نكبة فلسطين عام 1948، وتستبدلها برواية زائفة محكمة، تُدرّس في المدارس وتُسوّق في الإعلام العالمي، تهدف إلى كسب التعاطف الدولي وتبرير مشروعها الاستيطاني.

رواية مُفبركة تُقدَّم على أنها “تاريخ”

تسرد إسرائيل حكاية وهمية عن نفسها تبدأ بما تدّعي أنه “الشتات اليهودي” بعد تدمير “معبد سليمان” عام 70 ميلادية، وزعم أن اليهود تعرضوا للاضطهاد والتمييز لمدة ألفي عام، بلغت ذروتها في الهولوكوست. في هذا الجزء من الرواية، تُقدِّم إسرائيل نفسها كضحية تاريخية، تُجبرها المعاناة على “العودة” إلى أرض أجدادها، في محاولة مكشوفة لاستدرار التعاطف العالمي.

تسويق “العودة البطولية” كمشروع حضاري

تُواصل الرواية الإسرائيلية رسم صورة مثالية للمستوطنين اليهود “الشجعان” الذين عادوا إلى أرض “مهجورة” أو “قاحلة” مليئة بالمستنقعات، ويزعمون أنهم اشتروها من السكان العرب. وبحسب هذه السردية، بدأ اليهود بإعمار الأرض وتطويرها بالزراعة والتكنولوجيا، ما أكسبهم إعجاب وتعاطف المجتمع الدولي. هذا السرد يحاول أن يُخفي حقيقة أن المشروع الصهيوني كان في جوهره استعمارًا استيطانيًا قائمًا على الإقصاء والتهجير القسري.

تزوير دورهم في مواجهة الاستعمار البريطاني

تزعم إسرائيل أنها قاومت الانتداب البريطاني، وأنها شكّلت “فرقًا مقاومة” مثل جماعة “المقاتلين من أجل حرية إسرائيل”، محاولة بذلك اختراع تاريخ نضالي وهمي، تُظهر فيه نفسها كقوة تحرير وطني، بينما الواقع يُظهر أن معظم عمليات هذه الجماعات كانت موجهة ضد العرب الفلسطينيين، لا البريطانيين.

تشويه النكبة وتزييف الحرب

تبلغ ذروة التزييف في تصوير إعلان قيام إسرائيل في 14 مايو/أيار 1948، حيث تَدّعي أن سبعة جيوش عربية هاجمت “الدولة الوليدة”، في حين تتجاهل الرواية الإسرائيلية السياق الحقيقي: تهجير قسري ممنهج لحوالي 750 ألف فلسطيني، وارتكاب أكثر من 70 مجزرة بحق المدنيين، راح ضحيتها نحو 15 ألف شهيد، في إطار خطة تطهير عرقي مدروسة.

وتدّعي إسرائيل أنها “دعت” الفلسطينيين للبقاء أو العودة، بينما تجاهلت الوثائق التاريخية والأمم المتحدة والجهات الحقوقية التي أثبتت أن التهجير تم بالقوة وتحت تهديد السلاح.

صناعة وهم بطولي وتصديره للعالم

الرواية الإسرائيلية مبنية على مجموعة من الأكاذيب المتماسكة، وأنصاف الحقائق، التي تطمس الحقيقة وتُعيد تشكيلها بما يخدم المشروع الصهيوني. وبهذا الخطاب، تُصدّر إسرائيل نفسها كأمة نشأت من “الركام” والاضطهاد، بينما الحقيقة أنها قامت على أنقاض شعب أُبيد وهُجّر قسرًا.

لقد استثمرت إسرائيل مبالغ طائلة، ومارست ضغطًا سياسيًا وإعلاميًا ضخمًا، لاختراق الوعي الغربي وترويج سرديتها الكاذبة. ونجحت – إلى حد كبير – في احتلال الخيال الغربي، وتثبيت رواية تُبرر استمرار الاحتلال والإبادة، وتُبرّئ الجلاد، وتُدين الضحية.

Deprecated: الملف القالب بدون comments.php أصبح مهجورًا منذُ الإصدار 3.0.0 ولا يوجد له أيّ بديل حتى الآن. يرجى تضمين الملف comments.php في قالبك. in /var/www/html/wp-includes/functions.php on line 6114

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *